من اتجاهات الأدب المهمة رسم المدينة الفاضلة ونقيضتها المدينة الفاسدة وتصوير كلاً من المجتمعين. مصطلح Utopia يعني المدينة الفاضلة التي يتسم سكانها بالفضيلة والاخلاق وتحكم بالعدل والمساواة والعلم. المدينة الفاضلة كما تم التعارف عليها هي أحد أحلام الفيلسوف "أفلاطون". وهي مدينة تمنى أن يحكمها الفلاسفة وحدهم، ظناً منه أنهم لحكمتهم سوف يجعلون كل شيء في هذه المدينة معيارياً يتم تطبيقه بحرفية تامة، وبناء عليه ستكون فاضلة.
ففي تلك المدينة يجد المواطن والمقيم والزائر أرقى وأكمل أنواع الخدمات وبأسلوب حضاري بعيداً عن التعقيد والروتين ومن غير تسويف. كان المقترح لمدينة جديدة ومختلفة عن كل مدننا. ليس الاختلاف في المظهر العمراني فقط بل في كل شيء. المستوى الحضاري والسكاني والأداء الخدمي الحكومي والخاص. مقترح لمدينة أساسها الإنسان نفسه سواء كان مسؤولاً أو موظفاً أو عاملاً كبيراً أو صغيراً رجلاً أو امرأة.
وعلى نقيض المدينة الفاضلة هناك فكرة مضادة وهي Dystopia "المدينة الفاسدة" حيث الدولة البوليسية التي يحكمها نظام عسكري أو شيوعي أو أي نظام شمولي مخيف. وتغرق المدينة في الفساد. والديستوبيات تتميز بالتجرد من الإنسانية، والحكومات الشمولية والكوارث البيئية والانحطاط عامةً. ويمكن تعريف الأدب الديستوبي بأنه نوع من الأدب الذي يحكي عن مجتمع (متخيل غالباً) منظم بطريقة تجعل من الصعب على أفراده أن يكونوا سعداء. وغالباً فإن هذه الحياة الكابوسية التي يعيشها الأفراد ناتجة عن تنظيم سياسي هدفه، وفقاً لسلطة المدينة، جعل المجتمع أفضل عن طريق غرس أفكار بعينها ومحاولة تحويل الأفراد إلى نسخ من بعضهم.
هناك العشرات من الروايات التي تندرج تحت بند الرواية الديستوبية. تعد رواية الكاتب البريطاني الدوس هكسلي (1894 -1963) "عالم رائع جديد" ورواية "1984" للكاتب البريطاني جورج أورويل (1903-1950) (اسمه الحقيقي إريك أرثر بليك) من أقوى روايات الديستوبيا. في "عالم رائع جديد" (نشرت عام 1932) يصور هكسلي مجتمعاً يستخدم هندسة الجينات والاستنساخ للسيطرة على الأفراد. يولد الأطفال كلهم بهذه الطريقة ويصممون لينتموا إلى إحدى الفئات الاجتماعية الخمس المحددة: النخبة، التنفيذيون، الموظفون، وفئتا المخصصون للأعمال الشاقة في المجتمع وسميت هذه الفئات حسب الأبجدية اليونانية ألفا، بيتا، جاما، دلتا، ابسلون. هذه هي الديكتاتورية الكاملة: ديكتاتورية تبدو مثل ديمقراطية، سجن بلا جدران لا فكاك منه والأخطر أنه بفضل قيم الاستهلاك والترفيه يحسب العبيد فيه أنهم أحرار.
وصف جورج أورويل في روايتيه "مزرعة الحيوان" و"1984" مجتمع المدينة الفاسدة. في "1984" يصور جورج أورويل حياة وينستون سميث وهو عضو منخفض الترتيب في الحزب الحاكم. أينما ذهب سميث وحيثما كان يراقبه الحزب. حتى في بيته وحيثما ولى وجهه يرى زعيم البلاد الذي ليس له اسم ولا هوية سوى "الأخ الكبير" والأخ الكبير يراقبك حيثما تكون. في هذا المجتمع الذي تخيله أورويل (رغم أن كثيراً من سماته تنطبق على مجتمعات حقيقية قائمة) يسيطر الحزب على كل شيء في البلاد بما في ذلك اللغة والتاريخ. حتى اللغة يحاول الحزب فرض لغة جديدة تخلو من مفردات السياسة والتمرد والرفض. انه المجتمع البائس حيث تنعدم حرية التفكير حتى بينك وبين نفسك وحرية التعبير وحرية الاختيار.
يعد أدب المدينة الفاسدة مهم جداً لرسالته الهامة للشعوب ودعوته للتحرر ورفض العبودية والاستبداد، خاصةً في مجتمعنا العربي حيث تمثل عدد غير قليل من الدول العربية ديستوبيا راسخة على أرض الواقع.
ترشيحات
كتاب محاورات الجمهورية - أفلاطون
كتاب جمهورية أفلاطون - أحمد المنياوي، للتبسيط.
كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد - عبد الرحمن الكواكبي
رواية عالم رائع جديد - ألدوس هكسلي
رواية مزرعة الحيوان - جورج أورويل
رواية 1984 - جورج أورويل
رواية IQ 48 - هاروكي موراكامي
رواية القلعة - فرانز كافكا
رواية مصورة V for Vendetta - ألان مور
سلسلة روايات ألعاب الجوع - سوزان كولينز
No comments:
Post a Comment