Monday, February 20, 2017

الحياة في وسط أوتوقراطي: قراءة للعلاقات الإنسانية في المجتمع العربي


الصداقة الحميمة هي قوس قزح يصل بين قلبين يتشاركان سبعة ألوان: الود، الحزن، السعادة، الحقيقة، الإخلاص، الثقة والاحترام. هذه الصداقة تستلزم أن تكون واضح شفاف كمرآة أمام أصدقائك، وهذا يفسر لماذا لا تتحقق بيننا كأفراد في مجتمع عربي إلا في مرحلتي الطفولة والصبا عهد البراءة والصفاء، بمرور الوقت يتعلم الفرد من مجتمعنا كيف يخبئ ويكذب ويتصنع أمام القريب قبل البعيد.

أنت فرد في مجتمع لا يعرف الصدق. مهما كان الشخص سيئاً فهو لا ينظر إلى عيوبه ونقصه وينشغل بالنظر إلى عيوب الآخرين والتدخل في شؤونهم في جو مقلق من الازدواجية والقبح والعداء. والنتيجة قلوب جريحة سوداء كالحجر يبطن أصحابها الغل ويظهرون الحب والتسامح. 

لم أر هذه الصداقة الحميمة إلا في متابعتي لأساليب الحياة في المجتمع الأوروبي الذي يتمتع الشخص السوي فيه بالحرية والشفافية والوضوح أمام أصدقاءه لأنه مجتمع لا يتصدر فيه البعض للحكم على تصرفات الآخرين والكل فيه مشغول بنفسه، أهدافهم هي العمل والنجاح وإثبات الذات. 

نحن مجتمع لا يعرف الديمقراطية. الديمقراطية يمارسها المجتمع الأوروبي بالكثير من التحرر ولكن بطريقة سليمة. لا حكم على الآخرين، مدير العمل يشارك السلطة ويوزعها ويستشير موظفيه في قراراته، لا يمارسون التعنت ولا يجبرون أبناءهم على دراسة او عمل او زيجة ما، لا يمارسون الضغط على الغير بمراقبة تصرفاتهم والتضييق عليهم وإسداء النصح الدائم لهم بالزواج أو الإنجاب، ليست في قاموسهم هذه الألقاب الجارحة: عانس، مطلقة، عاقر، عاطل، قصير، أصلع، بدين، معاق، أم البنات ... إلخ. لا تسفيه ولا سخرية من أفكار الآخرين. الديمقراطية تمارس على أوسع نطاق في المجتمع الغربي، لا يمكن تطبيق الديمقراطية في الحكم إذا لم يكن المجتمع نفسه يتمتع بالديمقراطية.  

غياب الصديق الحميم يؤثر على الروح المعنوية للإنسان بالسلب، وكذا غياب الصدق في تعاملك مع كل من حولك. خاصة في مجتمع يلعب الجميع فيه لعبة الاستغماية وينغلقون على أنفسهم. هناك الكثير من الحزن والغضب والقهر المخبوء بالداخل يحتاج إلى الفضفضة والتنفيس. 

بالتأكيد هناك في المجتمع الغربي أيقونات فكرية وثقافات وممارسات متحررة لا محل لها من الإعراب في مجتمعنا العربي، لكن بمقدورنا تعلم الأمر الممتاز وهو الديمقراطية. الديمقراطية تحررك من الخجل وتعلمك التعبير عن نفسك والانفتاح على العالم وتغيير كل علاقاتك إلى الأفضل. ربما يحدث هذا التطور بعد مائة عام أو أكثر، وربما يبقى الحال على ما هو عليه، وربما تثمر عقول الشباب عن أفكار جديدة تحدث حراكاً مجتمعياً وتجري المياه الراكدة، من يدري. 

No comments:

Post a Comment